الذهب تحت المجهر: هل يستعد لموجة صعود جديدة؟
في عام 2025، يبدو أن الذهب يعيد ضبط معادلاته السوقية. بين تحركات الفيدرالي، التوترات الجيوسياسية، وضغط الدولار، يُطرح السؤال: هل الذهب مهيّأ للانطلاق في موجة صعود جديدة؟ في هذا التحليل الموسع، ندرس الوضع الراهن، ندمج آخر الأرقام، ونقدّم تصورات للمستقبل مع توصيات للمستثمرين.
1. لمحة على السعر الحالي والاتجاهات الحديثة
وفقًا لموقع USA Gold، بلغ سعر الذهب حوالي 3,736.04 دولار للأونصة مؤخرًا، بعد أن ربح نحو 65 دولار خلال أسبوع واحد تقريبًا.
كما ورد في تقارير TradingEconomics أن الذهب ارتفع إلى حوالي 3,714.86 دولار/أونصة في 22 سبتمبر، مما يعكس ارتفاعًا شهريًا تجاوز 10٪ تقريبًا.
من جهة أخرى، تحليل فني أشار إلى أن الذهب يحتفظ بمستوى مقاومة مهم عند 3,777 دولار تقريبًا، في محاولة لاختبار سقف جديد حول 3,800 دولار.
بمقارنة الأداء السنوي، يُظهر الذهب مكاسب كبيرة تتجاوز 40٪ مقارنة بنفس الفترة العام الماضي، مما يدل على قوة الزخم الحالي.
2. التضخم في الولايات المتحدة: مؤشر حاسم
في أغسطس 2025، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) بنسبة 0.2٪ شهرياً، ووصل المعدل السنوي إلى حوالي 2.9٪.
أما التضخم الأساسي (Core CPI) فكان حوالي 3.10٪ خلال العام الماضي، وهو مقياس يُستخدم أحيانًا لمراقبة الضغوط الأساسية في الاقتصاد بعيدًا عن تقلبات الغذاء والطاقة.
انخفاض أو استقرار التضخم يعطي مؤشرًا للفيدرالي بأن الضغوط بدأت تتلاشى، مما قد يخفف من وتيرة رفع الفائدة أو يدفعه للتوقف مؤقتًا عامل إيجابي للذهب.
3. التوقعات والتعديلات من المؤسسات الكبرى
من بين التوقعات اللافتة، رفع بنك UBS توقعه لسعر الذهب بنهاية 2025 إلى 3,800 دولار/أونصة، مع إمكانية الوصول إلى 3,900 دولار بحلول منتصف 2026، مستندًا إلى ضعف محتمل في الدولار وتزايد التوترات الجيوسياسية.
كما أشار تقرير حديث في الغارديان إلى أن الذهب حقق ارتفاعًا تاريخيًا في 2025، مدفوعًا بزيادة الطلب كمخزن للقيمة وسط عدم اليقين العالمي.
وتحت عنوان Gold’s record-breaking rally، لاحظت وكالة Reuters أن البنوك المركزية تشتري كميات كبيرة من الذهب لتقليل الاعتماد على الدولار، ما يعزز الزخم الصاعد.
4. الفيدرالي وسياسات الفائدة تحت المجهر
في 2025، تستند تحركات الذهب إلى عدة إشارات من الفيدرالي:
- في حالة توقف الفيدرالي عن رفع الفائدة أو تقديم إشارات لخفضها، فإن الذهب سيحظى بدعم كبير.
- تحذير أو تلميحات متشددة من الفيدرالي قد تضع الذهب تحت ضغط مؤقت رغم التوترات العالمية.
- أي برنامج تيسير كمي ثانٍ أو ضخ سيولة قد يعزز الطلب على الأصول غير المدرة للفائدة مثل الذهب.
وبالفعل، بعض الأسواق تتوقع أن الفيدرالي قد يبدأ في التراجع تدريجيًا عن سياسته المتشددة في الأشهر المقبلة.
5. التوترات الجيوسياسية: إسرائيل، روسيا، والصراع مع الصين
إسرائيل والشرق الأوسط
أي تصعيد في النزاع الإسرائيلي أو دخول قوى إقليمية إلى المعركة قد يثير خوفًا في أسواق الطاقة والتجارة، فيدفع المستثمرين إلى الذهب كملاذ آمن.
روسيا وأوكرانيا
مع استمرار الحرب وتأثيرها على توريدات الطاقة، وفرض العقوبات على روسيا، يتزايد احتمال تدفق رؤوس الأموال إلى الذهب لخفض المخاطر المرتبطة بالعملات الوطنية أو الأسلحة المالية.
التوتر مع الصين
في مجال التجارة، التكنولوجيا، والتحكم في المناطق الاستراتيجية، أي خطوة تصعيد من الولايات المتحدة أو الصين قد تؤدي إلى اضطرابات عالمية. الذهب قد يكون المستفيد الأول من هذا التوتر، خاصة في ظل مخاوف من تعطيل سلاسل التوريد وركود النمو العالمي.
6. الذهب مقابل الدولار أي الاتجاه الآن؟
بينما الدولار يُظهر صلابة مستمرة بفضل سياسات الفائدة، إلا أن العوامل العالمية قد تؤدي إلى انعكاس في القوة. إذا ضعف الدولار بفعل العجز المالي أو خروج المستثمرين منه، سيجد الذهب أرضًا خصبة للصعود السريع.
لكن يجب الانتباه إلى أن الدولار قد يكتسب قوة مؤقتة في أوقات التقلبات عند هروب المستثمرين إلى عملات احتياطية.
7. سيناريو موجة صعود: كيف ومتى؟
إليك سيناريو متكامل لصدور موجة صعود للذهب:
- ظهور بيانات تضخم أقل من التوقعات تؤدي إلى تراجع تشديد الفائدة.
- تصعيد جيوسياسي في الشرق الأوسط أو أوروبا أو آسيا يزيد المخاطر العالمية.
- ضعف الدولار أو خروج استثماري منه نحو أصول بديلة.
- تواصل البنوك المركزية في الشراء المكثف للذهب لتعزيز التنويع الاحتياطي.
- تفاعل المضاربين والتموجات الفنية تدفع الذهب لاختراق مقاومات قوية تتجاوز 3,800 دولار وربما نحو 4,000.
8. المخاطر والمعوقات المحتملة
- تشديد إضافي غير متوقع من الفيدرالي في وجه الأرقام الاقتصادية القوية.
- هدنة مفاجئة أو تسوية جزئية في النزاعات العالمية قد تقلل الطلب على الذهب.
- ظهور أصول منافسة ذات عوائد أعلى تجذب رأس المال بعيدًا عن الذهب.
- ضغوط البيع من المستثمرين لإدارة السيولة إذا تراجعت الأسواق الأخرى.
9. أسئلة المستثمرين الآن وإجابات محدثة
هل الوقت مناسب للدخول الآن؟
نعم، إذا رأيت إشارات على تراجع التضخم أو تلميحات الفيدرالي لتليّن، فإن الدخول التدريجي عند الانخفاضات قد يمنحك نقطة انطلاق جيدة.
ما هي الموجة المرتقبة؟
قد تستمر الموجة من أشهر إلى سنة أو أكثر إذا استمر الحافز الجيوسياسي والسيولة العالمية.
ماذا عن الذهب المادي مقابل الأدوات المالية؟
الذهب المادي يمنح الأمان الكامل لكن يتطلب تخزينًا. الأدوات المالية مثل الصناديق تقدم سيولة وسهولة تداول لكنها تحمل رسومًا ومخاطر تتبع.
ماذا لو قوي الدولار رغم التوترات؟
قد يشهد الذهب ارتدادات مؤقتة، لكن إذا استمرت الضغوط الخارجية فإن الذهب يمكن أن يعيد القوة لاحقًا.
10. استراتيجية محدثة لموجة صعود محتملة
خطة مقترحة بناءً على التحليل الحالي:
- دخل تدريجي عند مستويات دعم مثل 3,600 3,700 دولار.
- استثمار دوري منتظم لتخفيف تأثير التقلبات.
- تحديد أهداف جزئية للبيع عند مقاومات متتالية: 3,800، 4,000، وما بعدها.
- مراقبة بيانات التضخم الأميركية وأرقام الفيدرالي عن كثب.
- احتفظ بسيولة للطوارئ والخروج السريع إذا انعكس الاتجاه.
الخاتمة
الذهب في 2025 ليس كالماضي؛ هو يتحدّى الدولار، يخضع لسياسات الفيدرالي، ويتفاعل مع الحروب والتوترات العالمية. الأرقام الحالية تُظهر أنه في موقع قوة، لكن الفرصة ليست مضمونة. المتابعة الدقيقة، الدخول المتدرج، والخروج الذكي ستكون مفاتيح الاستفادة الحقيقية من موجة صعود محتملة. إذا تمكن الذهب من اختراق مقاومة 3,800 بثقة، فقد تكون الموجة الجديدة قد بدأت بالفعل.
